-
الشرع وسلسلة ... المهمة المستحيلة
الشرع وسلسلة ... المهمة المستحيلة
الدكتور أسامة أحمد نزار صالح – سوريا – اللاذقية
سوريا الأسدين دولة قلقة لم تتمكن على مدار ستة عقود من استعادة الجولان، ولم تستطع أن تكون دولة طبيعة في الداخل، وسريعاً تحولت إلى دولة مقلقة في الإقليم حين حاولت امتلاك الأوراق المؤثرة على استقرار جيرانها.
في سوريا الأسدين الدستور موظف درجة ثالثة في مكتب السيد الرئيس، وما يسمى مجلس الشعب غائب إلا إذا استدعي أعضاءه للتصفيق، قرارات الحكومة تطبخ في الفروع الأمنية وتنكه بالممارسات المافيوية، لا وجود للمستشارين في زمن كبير الجلادين (الأسد الإبن) الذي أخذ البلاد الى ركامها بقرارته اللا حكيمة.
عندما هرب الأسد الإبن كان الوحيد الممسك بخيوط الحكم، تبخر جيشه وفر جلادو الأجهزة الأمنية مخلفين ورائهم مقابر جماعية لا تحصى، وآبار فاضت كراهية لبعض المكونات السورية، ترك الأسد الإبن دمشق منهكة تحتاج إلى عقود لمحو بصمات قرارته وخياراته اللا استرتيجية.
كان سقوط النظام مكلفاً لحلفاءه ومباغتاً لخصومه، وجد الرئيس الشرع نفسه في سلسلة المهمة المستحيلة، عليه أن يجتاز غابة من المشكلات تعج بالحفر والأفخاخ، الاقتصاد مدمر، والعلاقة بين المكونات معقدة، ونصائح الحلفاء متناقضة احياناً.
الإعلام العربي بين تلميع السفهاء وإقصاء الكورد.. لغة الحق تُمنع ولغة الحقد تُذاع
في الداخل يواجه الشرع من يعرف أن زمن التسلط هرب من يده ويريد أن يمسك بأيدي خارجية لتفجير سوريا واغراقها في دم مكوناتها، سريعاً كانت خطواته نحو إعادة الاستقرار في ظل دستور جديد لتصفية الدولة المتوحشة والعبور إلى الدولة الطبيعة، تحت مظلة القانون ابتعد عن لغة التشدد وعن فرض النماذج الجاهزة وتجاوز حفر الخوف من وحدة سوريا، رغم أن الشرع لعب دوراً حاسماً في منع عاصفة الثأر والسقوط في بحيرات الدم، إلا أن أحداث الساحل والسويداء قرعت ناقوس الخطر فالصراع على سوريا لم يتوقف داخلياً ولن يتوقف خارجياً، رغم تسديد الرجل القوي(الشرع) الضربة القاضية لمحور الممانعة لكن هناك من يرفض فكرة أن سوريا عادت إلى العائلة العربية ويريدها في عباءة المرشد، ومن جهة أخرى هناك من يصر أن يدفع سوريا الى حرب مكوناتٍ تضعها على الطريق السريع للتفكك الدائم، الخروج من الشق العسكري للصراع مع إسرائيل والقضاء على عقيدة رجل الإطفاء المولع باشعال الحرائق أخمد مشروع النار الجوالة في الإقليم، لا تزال تطرح على الرجل القوي أسئلةٌ مقلقة عن الأكراد وجوابه: (تجنب معركة دامية وسوريا موحدة تتسع للجميع).
لم يكن أحد يعلم ما يدور في تلافيف دماغه عندما إختار العربية السعودية وجهته الخارجية الأولى، ليعلم الجميع أنه يريد بصمات قائد نهضة السعودية الأمير محمد بن سلمان على موقع سوريا وعلاقتها الدولية ويستثمرها في رفع العقوبات والصعود الى القطار الأمريكي مبكراً وقريباً من صاحب القبضة التى لا تتعب (الرئيس دونالد ترامب)، بعد أن أطل الرجل القوي على العالم من نافذة نيويورك لم يتعب من صعود درج الكرملن، وربما أتعب من كان يعتقد أن سوريا المفيدة هي سوريا الروسية، لم يتردد في استعمال قوة نفاذ القانون ضد رفاق السلاح من المقاتلين الأجانب للعبور من زمن الفصائل إلى زمن الدولة.
حفنة شهور رغم إمكانياتٍ لم تتوفر، لم تعد سوريا دولة تضخ أمواج اللاجئين وتصدر الكبتاجون، ولم تعد مفاتيح دمشق في مكاتب طهران وموسكو، خرجت سوريا من غرفة الإنعاش ودخلت جناح إعادة الإعمار.
الأكيد أننا تجاوزنا مرحلة رهج البدايات، لكن الرئيس أحمد الشرع يحتاج أن يكون مثل توم كروز وتأثيره في سلسلة أفلام (المهمة المستحيلة) ليحقق نتائج إضافية ملموسة مذهلة، فهل ينجز سوريا موحدة طبيعية مزدهرة؟ أو تتعدد أجزاء ومواسم الشرع والمهمة المستحيلة؟
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!

