الوضع المظلم
السبت ١٨ / أكتوبر / ٢٠٢٥
Logo
  • نيجيرفان بارزاني.. العمق الاستراتيجي والاستقرار المشترك

نيجيرفان بارزاني.. العمق الاستراتيجي والاستقرار المشترك
نوري بیخالي

في خضم التحولات السياسية المتسارعة التي يشهدها العراق، تبرز تصريحات السيد نيجيرفان بارزاني، رئيس إقليم كوردستان، بوصفه بغداد “العمق الاستراتيجي” لإقليم كوردستان كبوصلة سياسية تعكس نضجاً في الرؤية وعمقاً في فهم طبيعة العلاقة بين المركز والإقليم. هذه الرؤية لا تنطلق من فراغ، بل تستند إلى قراءة واعية للتاريخ المشترك والمصير الواحد، وإدراك عميق بأن استقرار العراق ككل هو الضمانة الحقيقية لأمن واستقرار كوردستان. 

عندما يتحدث رئيس الإقليم عن بغداد كعمق استراتيجي لكوردستان، فإنه لا يشير فقط إلى العلاقة الإدارية أو الدستورية بين العاصمة الاتحادية والإقليم، بل يؤسس سيادته لمفهوم أعمق يشمل عدة أبعاد متداخلة ومترابطة سياسياً واقتصادياً وأمنياً واجتماعياً.

فعلى المستوى السياسي، تمثل بغداد مركز القرار السياسي العراقي، وأي استقرار أو تطور في كوردستان لا يمكن أن يتحقق بمعزل عن الاستقرار السياسي في العاصمة، إذ أن المشاركة الفعالة في صنع القرار في بغداد تعني المساهمة في رسم مستقبل العراق بما يضمن حقوق جميع مكوناته. 

وعلى المستوى الاقتصادي، يبدو الترابط جلياً حيث أن الموازنة الاتحادية والموارد الطبيعية والتنمية المستدامة هي ملفات تتطلب تنسيقاً وتعاوناً بين بغداد وأربيل، مما يعني أن ازدهار كوردستان الاقتصادي مرتبط ارتباطاً عضوياً بازدهار العراق ككل.

أما البعد الأمني فيكتسب أهمية خاصة في ظل التهديدات التي لا تعترف بالحدود الإدارية، فالإرهاب والتدخلات الخارجية والنزاعات الإقليمية هي تحديات تتطلب استراتيجية أمنية وطنية موحدة، وبغداد كمركز لقيادة القوات الأمنية العراقية تمثل خط الدفاع الأول عن أمن جميع العراقيين بما فيهم أبناء كوردستان. 

وعلى الصعيد الثقافي والاجتماعي، فإن العراق بوصفه بلداً متعدد القوميات والأديان والثقافات يحمل في تنوعه ثروته الحقيقية، وبغداد كعاصمة لكل العراقيين يجب أن تكون نموذجاً للتعايش والاحترام المتبادل بين جميع المكونات.

إذن، إن رؤية الرئيس نيجيرفان بارزاني حول بغداد كعمق استراتيجي لكوردستان هي دعوة لبناء عراق اتحادي حقيقي، عراق تكون فيه بغداد عاصمة لجميع العراقيين بمختلف قومياتهم وأديانهم وطوائفهم، عراق تقوم إدارته على مبادئ المشاركة والتوازن والتوافق وليس على منطق الإقصاء والتهميش. ولا تتحقق هذه الأهداف إلا من خلال الشراكة الحقيقية في صنع قرارات الدولة ورسم الخطط لمستقبل البلد الذي يجب ان يشعر كل فرد ومكون بالانتماء اليه.

ليفانت: نوري بيخالي

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!