-
الشعب الكُردي في سورية بخضم صراع الاستحقاقات القومية والوطنية

إن مفهوم الاستحقاق القومي أو الوطني هو حالة التعبير عن الشعور بالإنتماء إلى الأرض والتاريخ واللغة والتراث الذي وجد من خلاله الشعب الكُردي في سورية نفسه في خضم الصراع الوجودي على تنفيذ الأجندات التي ساقتها كل الأنظمة التي تعاقبت على احتلال المنطقة تحت مسميات الاستعمار والاحتلال من خلال إجراءات تعسفية متمثلة بمحاولات إلغاء الهوية الوطنية القومية وإضعاف الإنتماء القومي ,ولكن بعكس ذلك تماماً عمل الشعب الكردي في سورية على تعزيز قيم التعايش السلمي والإيمان بوحدة المصير المشترك في ظل جغرافية وفضاء مليء بقيم المحبة والأخوة ونبذ الفرقة والتميز, والتي حاولت دوماً الانظمة والديكتاتوريات على فرضها بحق المكونات في سورية عموماً والشعب الكردي على وجه الخصوص.
لعل السؤال الذي يراود مخيلة القارئ الكريم هل استطاعت تلك الانظمة وبكل أدواتها وسياستها وخططها الممنهجة أن تركع وتثني الشعب الكُردي في سورية عن النضال من أجل استحقاقاته القومية والوطنية في مشاركة باقي المكونات السورية النضال من أجل الحرية ومحاربة الديكتاتورية, وهل استطاعت تلك الأنظمة قتل ومحو روح الانتماء للقومية واللغة والتاريخ .بكل بساطة تؤكد المراحل النضالية التي مر بها الشعب الكُردي في سورية حقيقة واضحة وجلية الا وهي نضاله الدؤوب من أجل التشبث بهويته القومية الوطنية في سبيل مواجهة تلك الخطط والاستراتيجيات الدولية والإقليمية والمحلية من أجل صهرهم تحت مسميات العروبية والدين والمعتقد والوطن الواحد ,وكذلك واجهت حياكة التهم المسبقة
في أثارة النعرات الطائفية، ومحاولة استقطاع أراضي من الوطن، وأنقاص هيبة الدولية، وخلق الفتن بين المكونات من أجل تفرد تلك الانظمة بالسلطة، وبسط سيطرتها على إدارة الحكم .يؤكد النضال التاريخي لمسيرة الشعب الكُردي في سورية إن مشاركة الكُرد باقي المكونات النضال ضد الاستعمار الفرنسي، وبطولة وزير الحربية الكردي في معركة ميسلون يوسف العظمة، وثورة ابراهيم هنانو والبطل سليمان الحلبي، ومعركة بيناندور وقتل الجنرال روغان، والكثير
من البطولات الاخرى ,وكذلك تؤكد الحقائق بأن للشعب الكُردي دور حاسم ومشرف في المشاركة بتأسيس الدولة السورية الحديثة من خلال تولي مناصب في رئاسة الوزراء والبرلمان وكتابة دستور سورية الحديثة. كلها محطات يمكن بكل الفخر التأكيد على حقيقة وهي بأن الشعب الكُردي في سورية لم يتخلى ولم يرضخ لكافة المخططات في ثنيه عن التخلي عن هويته الوطنية في النضال ضد الديكتاتورية, والتطلع الى الحرية ضمن سورية موحدة لكل مكون الحق في الحفاظ على خصوصيته القومية والنضال والتمسك بحقوقه كافة، والسعي لتغير الصورة التي حاولت الأنظمة صبغها عن
الشعب الكُردي في سوريا بأنه غير مؤمن بالتعايش السلمي وشعب انفصالي رجعي لا يقبل التعايش والتكيف، وبعيد كل البعد عن مقومات الحضارة وتغلب عليه النزعة القبلية . حقيقة لا يمكن للشمس أن تحجب نورها الا وهي تأثر الشعب الكُردي في سورية بالتأثير والنزعة القومية من خلال محاربة الظلم والتطلع نحو الحرية والنضال من أجل الحقوق القومية من خلال تأثره بنضال البارزاني الخالد في الجزء الجنوبي من كوردستان الأمر الذي استدعى من الكُرد في سورية في زيادة التمسك بشعورهم بالإنتماء القومي, وكذلك لا يخفى مقاومة الشعب الكُردي في سورية السباق عن
المكونات السورية الأخرى لكافة المخططات والاجراءات التعسفية لنظام البعث المتمثل بالإصلاح الزراعي، ومصادرة الأراضي في المناطق الكردية، وقانون تجريد الجنسية، والحزام العربي والقانون 49 وغيرها من الإجراءات التعسفية التي قوبلت بالرفض الكُردي من خلال التمسك بالإنتماء القومي عبر إحياء المناسبات القومية الكردية والتمسك بها رغم المضايقات والمعاملة الاستخباراتية الشديدة، وتمجيد تلك المناسبات ،لاسيما أحياء ميلاد ووفاة البارزاني الخالد، وكذلك مشاركة الكرد في دعم انتفاضة التحرير في كوردستان العراق, وكذلك مشاركة الكرد في الأزمة السورية عبر
الاصطفاف الى جانب الشعب السوري في التعبير عن الهوية الوطنية متمثلة في مقاومة الظلم والمطالبة بالحرية عبر المشاركة في المظاهرات، وممارسة العمل الدبلوماسي مع أطياف الشعب السوري في المعارضة والتمثيل الدبلوماسي، وعرض الحقوق الكردية على كافة المنابر صناعة القرار العالمي، والتأكيد على المشاركة في ضمان حقوق الشعب الكردي وتثبيتها في الدستور السوري الجديد عبر ضمانات دولية وبرعاية أممية. أن كافة محاولات السلطة الإنتقالية في دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد في إقصاء الشعب الكُردي، وتهميش نضاله الحقيقي عبر محاولات شق الصف الكُردي
والمراهنة على الانقسام، وكذلك الإعتماد على أدوات وظيفة من المكون الكردي، واستغلالهم كأدوات مرحلية للإنتقاص من القيمة الحقيقة للوجود الكُردي في سوريا كلها محاولات ما ذادت الا من عزلة السلطة الإنتقالية وتخبطها في عدم قدرتها على التخلص من الهيمنة الإقليمية في معادة الشعب الكُردي، وكافة الضغوط ومحاولات إقصاءه وتهميشه الأمر الذي استشعر خطره المرجع الكُردستاني المتمثل بالرئيس مسعود بارزاني في كسر تلك المراهنة على الانقسام الكُردي في سوريا عبر دعوته ورعايته للمؤتمر التوحيدي في نيسان الماضي لوحدة كافة الأحزاب والكيانات الكُردية في سوريا، ومد اليد العون لهم والتوسط لدى القوى الإقليمية والدولية للحافظ على الوجود المصيري المستقبلي للشعب الكُردي في
سورية ومساندتهم في التمسك والحافظ والدفاع عن استحقاقاتهم القومية والوطنية في سوريا موحدة. لذا على الحاكم في السلطة الإنتقالية في دمشق التعلم من عدم تهميش المكون الكُردي للحافظ على التنوع في سوريا، والاستفادة من الدور الفاعل للشعب الكُردي في المساهمة في بناء سوريا ديمقراطية تعددية يتشارك فيها الجميع السلطة وإدارة النفوذ والثروات، والاستفادة من عدم تكرار الماضي في المراهنة على تهميش الشعب الكُردي، ومحاولات إلغاء وجودهم القومي والتاريخي لأن كافة تلك المحاولات فشلت وبقية الكُرد وزالت تلك الأنظمة. في المحصلة ,يمكن القول بأن كافة
المحاولات إدخال الشعب الكردي في سورية في الصراع على حساب استحقاقاته القومية والوطنية في محاولات إلغاء الهوية الوطنية القومية، واضعاف الانتماء قوبلت بالتشبث بالأرض واللغة والهوية والثقافة ،ولتعيد التأكيد على حقيقة التمسك بالنضال المستمد والمتأثر بالنزعة القومية لنهج البارزاني الخالد كوسيلة للدفاع عن المكتسبات وعدم التفريط والتنازل عن الحقوق والمكتسبات القومية والوطنية التي كفلتها كافة المواثيق والشرائع الدولية ولاسيما تقرير المصير.
ليفانت: عبداللطيف محمدأمين موسى
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!