الوضع المظلم
السبت ٠١ / نوفمبر / ٢٠٢٥
Logo
  • من الهامش إلى الشراكة الحقيقية وصنع القرار

  • (قراءة لرؤية نيجيرفان بارزاني السياسية)
من الهامش إلى الشراكة الحقيقية وصنع القرار
نوري بیخالي

بما أن الغياب عن العملية السياسية يعني التهميش وفقدان القدرة على التأثير في القرارات المصيرية، فإن مشاركة الكورد في الانتخابات العراقية تضمن لهم مكانهم الطبيعي في السلطات الثلاث وتمكنهم من الدفاع عن مصالحهم ومصالح العراق ككل من داخل مؤسسات الدولة.

ومن هنا نجد أنفسنا أمام رؤية سياسية جادة وواضحة، وهي رؤية نيجيرفان بارزاني رئیس اقلیم کوردستان حول طبيعة المشاركة الديمقراطية وكيفية تحقيق أهدافها، بما يخدم السلام والأمن والاستقرار. مشاركة تشكل أساساً متيناً للعراق الفيدرالي الذي يتمتع بالسيادة الدستورية وتصان فيه الحقوق المشروعة لجميع المكونات في ظل القانون والعدالة.

وتؤكد هذه الرؤية السياسية الثاقبة على أن مشاركة الكورد في الانتخابات لا تهدف فقط إلى الحصول على مقاعد في البرلمان، بل إلى تجسيد مبادئ أساسية في إدارة الدولة العراقية وهي (المشاركة الحقيقية والتوازن السياسي والتوافق الوطني).

ويأتي على رأسها مبدأ المشاركة الحقيقية التي لا تعني مجرد الوجود الشكلي في المؤسسات بل المساهمة الفعلية في صنع القرار. وهذا يتطلب توزيعاً عادلاً للمناصب السيادية والتنفيذية بما يعكس التنوع العراقي ومنح جميع المكونات صلاحيات حقيقية وليس مناصب فخرية، وضمان مشاركة كوردستان في رسم السياسات الاقتصادية والأمنية والخارجية للدولة، واحترام الرأي الكوردي في القضايا المصيرية التي تمس مستقبل الإقليم والبلاد.

أما مبدأ التوازن السياسي فهو ضمانة ضد الاستبداد وتغول مكون على حساب آخر، ويعني عدم احتكار السلطة من قبل طرف واحد أو مكون واحد، وتوزيع الصلاحيات بين المركز والأقاليم بما يحقق التوازن المطلوب، وضمان حقوق الأقليات والمكونات الصغيرة، وإيجاد آليات دستورية تمنع الاستفراد بالقرار السياسي.

إلى جانب ذلك، يأتي مبدأ التوافق الوطني الذي لا يعني التنازل عن المبادئ بل البحث عن أرضية مشتركة تخدم المصلحة الوطنية العليا، وهذا يتطلب ثقافة سياسية تؤمن بالحوار وترفض الإقصاء، وآليات مؤسسية للوصول إلى توافقات حول القضايا الخلافية، واحترام التنوع واعتباره ثروة وطنية وليس عبئاً، والابتعاد عن خطاب الكراهية والتحريض الطائفي أو القومي.

وفي هذا السياق، تبرز ملفات عالقة بين بغداد وأربيل تحتاج إلى حلول جذرية يمكن أن تكون فرصة لاختبار مدى جدية الأطراف السياسية في تطبيق مبادئ المشاركة والتوازن، ومنها ملفات (الموازنة الاتحادية، النفط والغاز، المادة 140 والبيشمركة).

ومن هنا تقع على النخب السياسية العراقية، كوردية كانت أم عربية، مسؤولية تاريخية في هذه المرحلة الحرجة. فعلى الجانب الكوردي، يتوجب تقديم رؤية واضحة وموحدة للمشاركة في العملية السياسية، وتجاوز الخلافات الداخلية وتقديم المصلحة الوطنية، والتواصل مع جميع المكونات العراقية بلغة الشراكة والاحترام، والدفاع عن حقوق كوردستان ضمن الإطار الدستوري والحوار السلمي.

أما ما يخص الجانب العربي العراقي، تبرز أهمية الاعتراف بالكورد كشركاء حقيقيين في الوطن وليس كضيوف، واحترام المكتسبات الدستورية للإقليم وعدم محاولة الانتقاص منها، والنظر إلى القضية الكوردية بعيون وطنية وليس بعقلية المركزية المتطرفة، وتجنب استخدام الخطاب القومي المتطرف الذي يثير المخاوف.

ليفانت: نوري بيخالي

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!