الوضع المظلم
السبت ٢٦ / يوليو / ٢٠٢٥
Logo
  • تقرير لجنة تقصي الحقائق..الملاحظات النقدية القانونية

  • غياب توصيف قانوني دقيق للانتهاكات:
تقرير لجنة تقصي الحقائق..الملاحظات النقدية القانونية
محي الدين لالا

لم تقم اللجنة بتكييف الانتهاكات وفق التصنيفات القانونية الدولية مثل "جرائم حرب"، "جرائم ضد الإنسانية"، أو "القتل خارج نطاق القانون"، رغم خطورة الأفعال الموصوفة. التوصيف الدقيق ضروري لترتيب المسؤوليات والاختصاص القضائي.
رغم ذكر اللجنة أن الانتهاكات كانت على نطاق واسع و ضد المدنيين بشكل كبير . وهذا ينطبق على جرائم ضد الإنسانية. 

ضعف في تمييز الصفة القانونية لأطراف النزاع:

لم توضح اللجنة الإطار القانوني للنزاع (نزاع مسلح غير دولي مثلاً)، ما يُضعف التحليل القانوني للانتهاكات بموجب اتفاقيات جنيف، والبروتوكول الثاني الإضافي لسنة 1977، المصادق عليه من قبل سوريا.

مقاربة ضبابية لعنصر "النية" والتنظيم:

رغم توثيقها لانتهاكات واسعة، اعتبرت اللجنة أنها لم تكن "منظمة"، استناداً إلى تفاوت السلوك بين الأفراد. هذا الاستنتاج يبدو متسرعاً، إذ أن معيار "التنظيم" لا يشترط التوحّد الكامل في السلوك، بل يكفي أن يكون هناك نمط أو تسلسل قيادي محتمل.

عدم وضوح آليات المساءلة:

لم تُرفق نتائج اللجنة بتوصيات واضحة حول آليات المحاسبة القضائية، سواء وطنية أم دولية، أو حول نقل الملفات إلى النيابة العامة أو لجان قضائية مختصة، ما يجعل التقرير أقرب إلى التوثيق منه إلى أداة قانونية للمساءلة.

محدودية التطرق إلى المسؤولية القيادية:

بينما ركز التقرير على تجاوزات الأفراد، لم يُحلل بشكل كاف مسؤولية القيادات العسكرية والأمنية التي قد تتحمل مسؤولية "الأمر" أو "التغاضي" بموجب مبدأ "مسؤولية القيادة" (Command Responsibility)، المنصوص عليه في القانون الدولي.

توظيف اللغة التبريرية في مواضع حساسة:

استخدمت اللجنة لغة قد تُفهم كتخفيف للمسؤولية (مثل الإشارة إلى أن "الاندماج الفصائلي كان شكلياً" أو أن "الانتهاكات وقعت رغم التعليمات الرسمية")، وهو ما قد يُضعف مصداقية التقرير أمام الضحايا والمجتمع الدولي

 وجوب تكييف الانتهاكات وفق قواعد القانون الدولي:

يجب أن يعاد توصيف الوقائع وفق معايير الجرائم الدولية الجسيمة، وتحديد ما إذا كانت ترقى إلى "جرائم ضد الإنسانية" أو "جرائم حرب".

إنشاء آلية قضائية مستقلة:

على الدولة التفكير بإنشاء هيئة قضائية وطنية خاصة، أو التعاون مع آليات دولية (مثل بعثات التحقيق الأممية أو القضاء المختلط)، لضمان محاكمة الجناة.

التوصية بمواءمة التشريعات الوطنية:

كما لاحظت اللجنة، يجب أن تتسارع وتيرة مواءمة القوانين الداخلية مع الالتزامات الدولية، لا سيما في مجالات تجريم الإخفاء القسري، التعذيب، وعدم الإفلات من العقاب.

توسيع التحقيق ليشمل المسؤولية القيادية:

يجب ألا تقتصر التحقيقات على الأفراد المنفذين ميدانياً، بل أن تمتد لتشمل المسؤولين في مواقع القيادة والسيطر وهذا يشكل مسؤولية .. 

حماية الشهود والضحايا:

يجب أن توفر الدولة نظاماً فعالاً لحماية الشهود وضمان سرية المعلومات، وتهيئة بيئة آمنة للإدلاء بالشهادات.

رغم أن لجنة تقصي الحقائق قدّمت جهداً  في توثيق الانتهاكات، وشكلت خطوة أولى ضرورية  إلا أن عملها لا يرقى بعد إلى المعايير القانونية الدولية الكاملة، بسبب ضعف التوصيف القانوني للانتهاكات، غياب الإطار القضائي للمساءلة، وعدم كفاية التركيز على البُعد القيادي والمؤسساتي للانتهاكات. من الضروري استكمال هذا العمل بتدخل تشريعي وقضائي جاد، لضمان عدم الإفلات من العقاب وتحقيق العدالة للضحايا.
ليفانت: المحامي محي الدين لالا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!