-
فضيحة قانونية: فرض غرامة بالدولار حصراً وتحويل الأموال إلى بنك فرع إدلب في دمشق
بقلم المحامي باسل سعيد مانع
تداولت وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي قصة محزنة تبرز مدى التلاعب والانفلات القانوني في إجراءات الجباية في سوريا، بعدما تلقى أحد المستثمرين في دمشق، وهو صاحب فرن، رسالة من جهة رسمية تتضمن مخالفة مالية بقيمة ٤٠٠ دولار أميركي، حصراً وليس ما يعادلها بالليرة السورية، وهو ما أثار العديد من التساؤلات حول قانونية هذا الإجراء.
وفي التفاصيل، فإن هذا المستثمر فوجئ بإبلاغه أن قيمة المخالفة يجب دفعها بالدولار حصراً، وهو أمر غريب يتجاوز التصور، إذ كيف يُصار إلى فرض غرامة على المواطنين أو رجال الأعمال بشكل حصري والعملة المعتمدة للتعاملات الرسمية في البلاد هي الليرة السورية وفقاً للتشريعات النافذة؟
الأمر المثير للاستغراب هو أن عملية الدفع تتم في فرع “مصرف التوفير” بالحي الحلبوني بدمشق، الذي تبين لاحقًا أنه يتبع إدارياً لمحافظة إدلب، وهي محافظة تقع خارج نطاق السيطرة الحكومية منذ سنوات، وليست جهة مختصة أو مرخصة بممارسة عمليات الجباية أو التحصيل المالي داخل دمشق أو المدن الأخرى، مما يطرح تساؤلات خطيرة عن المصدر القانوني لهذه الإجراءات.
وتتعارض هذه الممارسات بشكل واضح مع نصوص التشريعات السورية، وعلى رأسها المرسوم التشريعي رقم 5 لعام 2024، الذي حظر بشكل صريح التعامل بغير الليرة السورية في كافة العمليات المالية الداخلية، بالإضافة إلى المرسوم رقم 3 لعام 2020 المعدل، الذي يعاقب من يتعاملون بغير الليرة أو يمارسون الصرافة غير المرخصة.
وبذلك، فإن فرض غرامة بالدولار، وتحويلها عبر مصرف تابع لمحافظة خارج سلطة الحكومة، يتنافى مع القوانين ويعد تعديًا واضحًا على الشرعية، ويدخل في إطار عملية “تحويل بالدولار” خارج الإطار القانوني المعلن، ما يهدد بخروج الأمر عن مساره الطبيعي ويجعل الحكومة طرفاً متورطاً في عملية تتعلق بالتلاعب بالعملة والنظام المالي.

الجدير بالذكر أن المستثمر نفسه كان قد اضطر لترك عمله في فرن بموجب مخالفات عدة، منها مخالفة بالدولار حصراً، وهو ما يعكس مدى تأثير تلك الإجراءات على القطاع الخاص والمستثمرين.
وفي ختام هذا التحقيق، يوجه نداء إلى الجهات الرسمية، ممثلةً بوزارة المالية، ومصرف سورية المركزي، وهيئة التفتيش والرقابة الإدارية، بضرورة إصدار توضيحات رسمية وشفافة، تكشف مدى قانونية فرض غرامات بالدولار، وتوضيح الجهة المشروعة التي تتولى تحصيل تلك المخالفات، فضلاً عن ضرورة مراجعة تطبيقات التحصيل المالي والتأكد من أنها تتوافق مع النصوص التشريعية المعلنة، خاصة وأن القانون السوري ينص على أن العملة الرسمية للمعاملات الداخلية هي الليرة السورية فقط.
وفي الختام، فإن هذه الحالة تُظهر مدى الحاجة إلى إعادة تنظيم وتطوير النظام المالي والرقابي، لضمان سيادة القانون وحماية حقوق المواطنين من عمليات التلاعب والانفلات الإداري، كما تذكر الجميع أن محافظة إدلب، رغم كل ما لها من فضل، لا علاقة لها بهذه التصرفات غير القانونية، التي يجب التصدي لها فورًا.
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!

